لقراءةُ عملٌ فكريٌّ عقلي ، الغرض الأساسي منها أن يفهم القارئ ما يتم قراءته بكلِّ ســـهولةٍ ويسر ، بمعنى أن يدرك القارئ الرموز المكتوبة والنطق بها، ثمّ استيعابها وترجمتها إلى أفكار؛ لفهم المادّة المقروءة ثمّ التفاعل معها، ومن ثمّ الاستجابة لما تمليه هذه الرموز، وتوظيف المقروء في الحياة اليومية, كلُّ هذا من شأنه توسيع دائرة معلومات القارئ وتطويرها، وإثراء تفكيره، وإشباع حب الاستطلاع والمتعة لديه. إذ أكّدت بعض الدراسات التربوية أنَّ القراءة هي أبرز أدوات التعلّم، ويقصد بذلك القراءة الواعية أو ما يعرف حديثًا باسم «الفهم القرائي», وقد عنيت المؤسسات التعليمية بالفهم القرائي، فجعلته هدفًا رئيسًا من أهداف التعليم في المراحل كافّة، لأنَّ أهمية القراءة تقاس بمدى الفهم، والاستيعاب، وقدرة القارئ على الاحتفاظ بالمعلومات وتوظيفها في مواقف مختلفة ، من هنا يمكن للقارئ أن يأتي بكلِّ ما لديـــــه من ملكة معرفية واتجاهات ودوافع وتوقّعات ، ويتعامل مع النص بمحتوياته، وطريقة تنظيم هذه المحتويات وعرضها ، ويتم التفاعل بين القارئ والنــص ليتحقق الفهم ، وقد أشارت نتائج بعض الدراسات إلى وجود ضعفٍ شديد في فهم ما يقرأه المتعلّمون ، وأنّ صعوبات الفهم القرائي من أكثر المشكلات تأثيراً عليهم ، مثلما أنّ الفهم القرائي ليس من السهل علاجه من دون توظيف استراتيجيات حديثة وفعّالة.
العوامل التي تؤثّر على الفهم القرائي:
أ- خصائص القارئ: إذ يتوقّف الفهم على مستوى ذكاء القارئ وثقافته،
ومدى نمو مفرداته ، ومقدرته على تفسير الكلمات وتحويلها إلى مفاهيم
وأفكار، فالقارئ يكوّن لنفسه مفردات ذات معنى من طريق سماعه المستمر
للكلمات واستخداماتها، فهو يصغي إلى الكلمات وشبه الجمل، لأنَّهُ
يجد فيها فائدة في تعامله مع البيئة المحيطة.
ب – نوع القراءة : إنَّ المقصود بنوع القراءة(القراءة الجهرية ،
والقراءة الصامتة، وقراءة الاستماع). إذ إنَّ القراءة الجهرية
تتطلّب الفهم والاستيعاب، والتفاعل مع المادة المقروءة، على حين
أنَّ القراءة الصامتة تتطلّب الفهم، وإدراك معاني المادة المقروءة،
أمّا قراءة الاستماع فتتطلّب فهم وإدراك ما يسمع.
ج- فهم معنى النص: النص القرائي هو السياق الأكبر الذي يتكوّن من
فقرات متعددة، تعالج الأفكار الرئيسة للنص وترتبط معًا بعلاقات
المعنى، وثمّة تركيب خفي تشير إليه نهايات الفقرات وبدايتها بعكس
العلاقة بين كلِّ فقرةٍ وأخرى. وأيضًا تركيب ظاهري يتّضح من خلال
الأفكار الجزئية التي تنتهي بها فقرة لتمهّد لفقرةٍ لاحقة، والسياق
الكلّي للنص، فإنَّ هذا المعنى يتحدد في ضوء تنظيم هذه الكلمات،
والجمل والفقرات، وعلاقات التركيب التي تربطها سويًا، والمتعلّقة
أصلا بالنمط التنظيمي للنص، سواء نص معلومات أو نص قصصي أو غيرها من
أنماط النصوص.
د- خصائص المادة المقروءة: هذه الخصِائص تتعلّق بالربط بين مجموع
الكلمات والمعنى الكلّي لها، فربما تحمل الكلمة الواحدة أكثر من
مدلول، ويختلف هذا المدلول باختلاف موضعها في الجملة. ويكثر ذلك في
التشبيهات والاستعارات والمجاز بشكلٍ عام. وليس المهم هو لفظ الكلمة
بطريقةٍ صحيحة، أحيانًا تنطق كلمة باللغة الإنجليزية وبطريقةٍ صحيحة
تمامًا، لكننا نجهل معناها.
أمّا ما يخص مستويات الفهم القرائي ، فإنَّ له مستويات يتدرّج
المتعلّم خلالها للحصول على الاستيعاب ، وهي :
1- المستوى الحرفي : (فهم السطور) إذ التعرّف إلى التفاصيل والأفكار
الرئيسة وتسلسل الأحداث ، وعمل المقارنات ، والتعرّف إلى علاقة
السبب والنتيجة، والتعرّف إلى سمات الشخصيات ، وتذكّر ما سبق ذكره
في النص.
2- المستوى الثاني : الفهم والاستنتاج (فهم ما بين السطور)؛ ويتضمّن
الفهم الخفي للنص ، وذلك من خلال استنتاج التفاصيل التي تدعم
الموضوع ، واستنتاج الأفكار الرئيسة وتسلسلها ، واستنتاج المقارنات
، واستنتاج علاقات السبب والنتيجة ، واستنتاج سمات الشخصيات
المذكورة في النص ، والتنبّؤ بالمخرجات ، وتفسير الرسوم التوضيحية
الموجودة في النص.
3- المستوى الثالث: الاستجابة والتوظيف (فهم ما وراء السطور)؛
يُتضمن تقييم النص من حيث الصدق والشفافية في المادة المطروحة،
والحقيقة، والواقع، والخيال والرأي الشخصي, أيضًا تقدير القيم
والحكم عليها، وكيف يمكن الانتقال بالنص لأفقٍ أوسع، وكيف يمكن للنص
أن يعكس بظلاله على حياتنا.
مجموعة العميد التعليمية