المقالات
السلوك العدواني لدى الأطفال
2019/10/13 964
ينتاب بعض الآباء والأمهات والمربين هاجس الخوف والريبة من بعض السلوكيات الدالّة على العدوان لدى الناشئة ، ويحاولون جاهدين البحث عن السبل والطرائق المناسبة لتحييد وتقليل مثل هذه السلوكيات لديهم ، وهنا لابدّ من التبيين بأنّ السلوك العدواني لدى الأطفال يُعد عاملاً أو دليلاً على أنّه لم ينضج بعد بحكم عمره الزمني ، أو أنّه لم يصل بعد إلى مستوى الاتّزان الانفعالي اللازم للتوافق مع نظم المجتمع ومعاييره ، مثلما أنّ السلوك العدواني لدى الأطفال له أوجه مختلفة وأعراض متباينة و متعددة الأشكال، ويقسم هذا السلوك إلى عدوان لفظي منه الاهانات الكلامية و الشتائم ، و عدوان جسمي منه الضرب و الرفس و العض ، وقد يصل إلى درجات عالية من الإيذاء الجسدي الذي قد يُحدث اصابات جسيمة. و قد يكون سلوك الطفل العدواني موجهاً نحو نفسه أو نحو الآخرين و التعدّي على ممتلكاتهم أو بتعذيب الحيوانات . و تجمع هذه السلوكيات العدوانية ـ بجميع أنواعها ـ شيء موحد هو إن ممارسة الطفل لها على أنها مظهر للتنفيس الانفعالي أو التعبير عن ما يعانيه الطفل من أزمات انفعالية ناتجة عن الفشل في تحقيق بعض متطلّباته ، مما تؤدي إلى شعوره بنوعٍ من الإحباط الذي يولّد الغضب وبالتالي نزوعه إلى ممارسة مثل هذه السلوكيات العدوانية للتنفيس عن غضبه ، ويرى البعض أن وجود العدوان البسيط لدى الناشئين في مرحلة الطفولة دليل النشاط والحيوية ، لذا ينبغي أن لا ننزعج عندما نشاهد بعض أطفالنا ينزعون نحو السلوك العدواني ، وأن السلوك العدواني يأخذ في التضاؤل والانطفاء كلّما كبر الطفل ووصل إلى المستوى المناسب من النضج في جوانب شخصيته الجسمية والعقلية والانفعالية ، لكن عندما يكون العدوان صفة ملازمة للطفل بصورةٍ مستمرة ، ومن دون مراعاة للضوابط الأسرية والاجتماعية ، وكذلك يتوافر عنصر الشدّة والقوّة في السلوك العدواني ، هنا لابدّ من مراجعة المختص في مجال الإرشاد التربوي والنفسي .
وسائل معالجة السلوك العدواني لدى الأطفال :
ـ الابتعاد عن استخدام أساليب المعاملة القائمة على القسوة الزائدة ، وإهمال حاجات الطفل وعدم الاستجابة لمطالبه الأساسية ، لأنّ الأخيرة ستجعله يشعر بنوع من الإحباط وتولّد لديه مشاعر الغضب .
ـ قد يكون سلوك الطفل العدواني سببه الجو الأسري المشحون والخلافات الأسرية المستمرّة بين الوالدين بحيث يميل الطفل إلى تقليد هذه السلوكيات مع الإخوة داخل المنزل وقد يعمم هذا السلوك خارج محيط الأسرة .
ـ عدم لوم الطفل أو توبيخه إذا أخطأ ولاسيما أمام الآخرين ، لأنّ ذلك سيترك أثراً في نفسه ويولّد شحناتً من الغضب والحقد والعدوان .
ـ عدم استخدام العقاب البدني والكلام الجارح مع الطفل كلّما أخطأ ، بل لابدّ من محاورته بأسلوب ودّي وبيان قصوره وإرشاده إلى السلوك الصحيح .
ـ إشراك الطفل في أنشطة معينة من شأنها تفريغ النشاط والحيوية الموجودة لديه كـ ( الرسم ، والنحت ، وأنواع الألعاب ذات الطابع الحركي ) .
ـ نفي العلاقة المزعومة بين قوّة الشخصية واستخدام العنف في حل مشاكل الحياة في ذهن الطفل ، وإقناعه بأنّ المسلم القوي لا يغضب لأتفه الأسباب ولا يستخدم العنف في تعامله مع الآخرين. فـ (المُسِلمُ مَنْ سَلِمَ المُسلِمونَ من لِسانِهِ ويدِه ِ) .
-الحرص على عدم مصاحبة الطفل للأطفال الذين لديهم ميولاً عدوانية .
-استخدام العقاب من خلال تعديل الخطأ فإذا تلفّظ الطفل بعباراتٍ غير مهذبة في تعامله مع الآخرين وهو غاضب، فيُطلب منه أن يعتذر بعباراتٍ مؤدبة وإذا قام الطفل بضرب آخر فعليه مثلاً أن يقدّم إليه هدية أو أن يعتذر إليه أمام زملائه إذا وقعت المشاجرة أمامهم.
-الابتعاد عن البرامج التلفزيونية ذات الطابع العدواني والمنافية لقيم المجتمع ، وكذلك انتقاء الألعاب ذات الأغراض التعليمية والفكرية والابتعاد عن العدوانية منها.
-تعزيز المبادرات الإيجابية للطفل المشاغب إذا بادر إلى سلوك إيجابي يدل على احترامه للآخرين من خلال المدح والثناء.
-فتح باب الحوار مع الأطفال في البيت والمدرسة كي يتحدّثوا عن معاناتهم ويعبروا عن مشاعرهم بكل حرية ومن دون قيد ، وهذا بدوره سيجعل الطفل يتعوّد على وجود من يسمعه ويشاركه في همومه وفي مواجهة المشكلات الحياتية بدلاً من التعبير عنها بشكلٍ عدواني .
المصادر
صور من من المقالة
نبذة عن الكاتب
• اكملت الدراسة الابتدائية والثانوية في المدارس التابعة لمديرية تربية ديالى.
• حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم التربوية والنفسية من جامعة كربلاء عام 2011.
• اكملت دراسة الماجستير في نفس الجامعة في تخصص علم النفس التربوي عام 2013ومن ثم الدكتوراه في نفس التخصص من جامعة بابل عام 2021.
• السيرة المهنية: تشرفت بالعمل في قسم التربية والتعليم العالي التابع للعتبة العباسية المقدسة منذ عام 2014 بصفة مشرف تربوي على الملاكات التعليمية العاملة في مجموعة العميد التعليمية.
• شاركت في تنفيذ العشرات من الورش التدريبية والمحاضرات التطويرية للعديد من الملاكات التربوية (معلمين، مدرسين، مرشدين تربويين، اساتذة جامعات، ...الخ).
• مصمم ومعد للعديد من البرامج التربوية وبعدة مجالات (دينية، إرشادية، سلوكية، قيمية).
• المساهمة في تأليف كتاب (دليل المرشد لرعاية السلوك، سلسلة النفس تربوية).
العلم يبني بيوتاً لا عماد لها.. والجهل يهدم بيت العز والكرم.

مجموعة العميد التعليمية

اغلاق