المقالات
التفوّق الدراسي .... بين الحلم والعمل
2019/02/13 713
إنَّ التفوّق الدراسي للأولاد هدفٌ يسعى جميع أولياء الأمور إلى تحقيقه ، فنجد أنَّ كثيراً من هؤلاء الآباء يهتمّون بتوفير المتطلبات المادية لولدهم من مأكل وملبس ووسائل اتصال، ومدرسة متميّزة وينتظر أن يحقق ذلك الولد المستوى التحصيلي المتميّز، وتلك النتيجة لا تتحقق في كثيرٍ من الأحيان، وذلك لعدم توافر عنصر المتابعة الدائمة لذلك الولد طوال العام الدراسي، وهذا الشيء شبيه بعمل الفلاح الذي يحرث الأرض ويوفّر البذور والسماد وينتظر أن تُثمر الأرض، والنتيجة إنَّ تلك الأرض لا تُثمر؟؟
والسبب في ذلك عدم مداومة الفلاح على سقي تلك الأرض بالمياه طوال ذلك الموسم الزراعي، لذا فإنَّ عملية متابعة أولياء الأمور لأولادهم خلال العام الدراسي تمثّل ذلك الماء الذي منع تلك الأرض من أن تُثمر ، فمتى ما توفّرت المتابعة من قبل الأهل؛ تهيأت الظروف المناسبة لتحقيق التحصيل الدراسي الذي يُلبّي الطموح للمتعلّم أولاً ولولي أمره ثانياً .
وهذا ما أكّدت عليه العديد من الدراسات والبحوث التربوية في وجود علاقة إيجابية بين مشاركة أولياء الأمور ومستويات تحصيل المتعلّمين وسلوكياتهم واتجاهاتهم. مثلما إنَّ مشاركة أولياء الأمور تعمل على زيادة دعم المجتمع للعملية التربوية التعليمية , إذ يسعى أولياء الأمور ـ عن رضا وقناعة وتأييد تام ـ إلى مساندة خطط إصلاح التعليم وتطويره، وذلك من خلال تقديم الدعم المعنوي والمادي كلّما أمكن ذلك ، فضلاً عن أنَّ للمتابعة أهميةٌ كبرى في تغيير مستوى المتعلّم و سلوكه ولاسيما إنْ كان ولي الأمر متفهّما متعاونا مع المدرسة، و إن كان العكس يأتي فقط ليكيل التهم للمدرسة مصدّقا ولده في كلِّ ما ينقل، فالعكس ما يحصل، إذ سيجد المتعلّم دائما المعلّم شماعة لتعليق جميع إخفاقاته عليه وبالتالي فإنَّ الخاسر الأول والأخير هو المتعلّم .

إنَّ ممّا يدعو للحزن عزوف أولياء الأمور عن متابعة أولادهم في المدارس، ممّا ينتج عنه فقدان حلقة مهمّة من حلقات العملية التعليمية والتربوية، وإنعكاس ذلك على مستويات المتعلّمين وتحصيلهم ونجدهم يصنعون الأعذار من مثل خجل بعض أولياء الأمور من متابعة أولادهم؛ حتّى لا يصدموا بواقع مستوى أولادهم أو لأنَّهم على علمٍ مسبق بذلك المستوى و غير قادرين على رفعه، أو إنشغالهم بأمور الحياة، و نظرتهم نحو رعاية الاولاد بالرعاية المادية و توفير المتطلّبات فقط ، أو وجود بعض المشاكل بين الوالدين تلهيهم عن الرعاية، وغيرها من الحجج والأعذار التي تكون ضد غايتهم نحو ولدهم في جميع الأحوال ، تُرى ما هي النتائج المترتّبة على هذا العزوف ؟ و ما أهمية متابعة ولي الأمر لولده بالمدرسة وانعكاس ذلك على تحصيله وسلوكه ؟
وهناك عدد من الواجبات التي تُفعّل دور ولي الأمر في تحقيق عملية المتابعة و التواصل مع المدرسة، ومنها:
1. متابعة ولدهُ في المدرسة من خلال زيارته لها للتعرّف على أدائه دراسياً وسلوكياً.
2. المشاركة في عضوية مجلس المدرسة وحضور اجتماعاتها.
3. متابعة الواجبات المنزلية، من خلال ملاحظات المعلّمين ، وتسجيل ملاحظاته فيها.
4. إشعار المدرسة بأي مشكلةٍ تواجه الأولاد سواء أكان ذلك من طريق الكتابة أم المشافهة، والتعاون مع المرشد التربوي على التعامل معها بطريقةٍ تربويةٍ ملائمة.
5. إعطاء المعلومات اللازمة عن الأولاد الذين يحتاجون لرعايةٍ خاصّة، والتعاون مع المرشد التربوي في توظيف الأساليب الإرشادية والتربوية؛ لمساعدتهم على التوافق النفسي والاجتماعي.
6. الاستجابة لدعوة المدرسة وحضور المناسبات التي تدعو إليها، مثل الندوات والمحاضرات والجمعيات والمجالس والمعارض والنشاطات والفعّاليات المختلفة.
7. تنظيم وقت المتعلّم بحيث يكون هناك وقتٌ كافٍ ومناسب للمذاكرة، ووقت مناسب آخر للترفيه في الأشياء المفيدة، وفي هذا الجانب يُعد قرب ولي الأمر من أولاده ومتابعته لهم، ومنحهم الرعاية هي أقصر الطرائق لسد ساعات الفراغ.

وآخر ما نختم به هو إنّهُ لكلِّ هدفٍ مقدّمات كفيلة بتحقيق هذا الهدف، فإن فُقدت مقدّمة من تلك المقدّمات فإنَّهُ من المحتمل أن لا يتحقق ذلك الهدف ...... وفّقكم الله لما فيه خير الدنيا والآخرة .
المصادر
صور من من المقالة
نبذة عن الكاتب
• اكملت الدراسة الابتدائية والثانوية في المدارس التابعة لمديرية تربية ديالى.
• حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم التربوية والنفسية من جامعة كربلاء عام 2011.
• اكملت دراسة الماجستير في نفس الجامعة في تخصص علم النفس التربوي عام 2013ومن ثم الدكتوراه في نفس التخصص من جامعة بابل عام 2021.
• السيرة المهنية: تشرفت بالعمل في قسم التربية والتعليم العالي التابع للعتبة العباسية المقدسة منذ عام 2014 بصفة مشرف تربوي على الملاكات التعليمية العاملة في مجموعة العميد التعليمية.
• شاركت في تنفيذ العشرات من الورش التدريبية والمحاضرات التطويرية للعديد من الملاكات التربوية (معلمين، مدرسين، مرشدين تربويين، اساتذة جامعات، ...الخ).
• مصمم ومعد للعديد من البرامج التربوية وبعدة مجالات (دينية، إرشادية، سلوكية، قيمية).
• المساهمة في تأليف كتاب (دليل المرشد لرعاية السلوك، سلسلة النفس تربوية).
لا حدود للعلم، فانهل من رحابة نوره قدر ما استطعت.

مجموعة العميد التعليمية

اغلاق