المقالات
شخصية الطفل بين البيت والمدرسة
2017/07/05 772
إنَّ من أهم أنواع السلوك التي يتعلّمها الطفل في بداية السنة الأولى من حياته، هي الاستجابات الاجتماعية للنّاس نتيجة تفاعله مع أمّه ، وإنَّ هذه الاستجابات للأم ،أو لمن ينوب عنها يتّسع مجالها كلّما تقدّم الطفل بالعمر , فيُعمم على الآخرين فيما بعد . لذا فإنَّ وجود الأمَّ عاملٌ مهم في تكوين شخصية الطفل، وعلاقتها به تحدد أنماطه السلوكية في إستجاباته نحو المواقف المختلفة .
لذلك تُعدُّ مرحلة الطفولة من أخطر مراحل النمو التي يمر بها الفرد؛ لأنَّ الخبرات التي يتلقّاها الفرد وهو طفل هي التي تشكّل سلوكه في المستقبل ، فالخبرات والمعاملة الأسرية المبنيّة على الودّ والمحبّة والتفاهم تجعله فرداً متوازناً، أمّا الخبرات غير السارة والأجواء المشحونة والمتوتّرة في الأسرة ، والخلافات العائلية فتشكّل سلوكاً غير مرغوب فيه .
صحيحٌ أنَّ الطفل لا يحسن التعبير عن ردود أفعاله في السنوات المبكّرة من حياته في معظم الأحيان , إلّا أنَّهُ يتأثر بسلوكيات الآخرين وممارساتهم أيمّا تأثير، وبذلك يراكم كثيراً من أفكار هؤلاء وتصرّفاتهم , ويخزنها في ذاكرته , وذلك من خلال ملاحظتهم والأصغاء إليهم , ومحاكاتهم , ومن ثمّ يتطبّع بسلوكياتهم، بحيث تغدو سمة مهمّة , من سمات شخصيته وخصائصها المستقبلية .
من هنا , يتوجّب على الوالديّن عموماً الانتباه إلى أطفالهم في مراحل حياتهم النمائية المبكّرة، والعمل الجاد من أجل تشكيل شخصيات سويّة لديهم , تحاكم الأمور "بعقلانية عطوفة" وتواجه صعوبات الحياة ومشكلاتها "بقوة وشجاعة رؤوفة" بعيداً عن التردد والخوف والقلق , وكل ما من شأنه أن يؤثّر سلباً في هذه الشخصية الهشّة , ويؤدّي إلى إضعاف بنيتها المعرفية والنفسية والاجتماعية والقيمية , وربما يؤدّي الى إضطرابها في المستقبل.
فهناك مسائل وتفاصيل تتعلّق بتنشئة الأطفال وتربيتهم , قد تبدو بسيطةً وغير ذات قيمة من وجهة نظر الأهل أو بعضهم على الأقل , غير أنَّها في الحقيقة مهمّة جداً، وتتناول حياتهم من جوانبها المختلفة , الانفعالية والعلمية وسواها؛ لأنَّها تمثّل حجر الأساس في تشكيل شخصية المستقبل لهؤلاء الأطفال , التي من خلالها سيواجهون معركة الحياة بكلِّ ما تنطوي عليه من صعوبات وتعقيدات .

خصائص مرحلة الطفولة :
من الناحية الجسمية يتّسم النمو الجسمي في هذه المرحلة بزيادة الطول والحجم , والوزن , ويسير النمو العضلي بمعدلٍ أسرع من ذي قبل ، وأهم ما يميّز الطفل في هذه المرحلة قدرته على النشاط العضلي كالجري , والقفز والتسلّق , ولكن عموماً نجد أنَّ الأطفال يميلون إلى النحافة ممّا يزيد قابليتهم للعدوى ببعض الأمراض نتيجة لنموّهم السريع، وتبدأ الأسنان اللبنية في السقوط لتحل محلّها الأسنان الدائمة .
وفي منتصف المرحلة نجد أنَّ معظم القدرات العقلية تبدأ في النضج من تذكّر وتفكير وانتباه يتحوّل تدريجياً إلى الواقعية والنظرة العلمية للبيئة، وتزداد قدرة الطفل على التعلّم بالخبرة (المحاولة والخطأ) ،ويكتسب فكرة عن المسافة والحجم والشكل وتزداد رغبته في جمع الأشياء وحب الاستطلاع ، ونجد الذكاء ينمو حتى سن الثانية عشرة (أي في نهاية المرحلة ).
وتتميّز انفعالات الطفل في بداية المرحلة بأنَّها شديدة ومبالغ فيها فهو يحب بشدّة , ويكره بشدّة ويغضب بشدّة، بل يزداد التعبير عن الغضب مثلاً عن أدنى إحباط يمكن مواجهته, ويُلاحظ أنَّ البنات أكثر خوفاً من البنين , ولكنهم في الوقت نفسه أقل عدوانية من البنين , وتنشأ في تلك المرحلة مشاعر الغيرة , وتبدأ مع نهاية المرحلة انفعالاته في الثبات والاستقرار والسيطرة على كثير من انفعالاته ويعمل على تجميع معظم انفعالاته حول موضوعٍ معين لتكوين ما يسمّى بالعواطف والعادات الانفعالية.
أمّا من الناحية الاجتماعية فإنَّنا نجد مع بداية المرحلة أنَّ سلوك الطفل يتأرجح ما بين الاستقلالية والاعتمادية , وتتسع دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي في الأسرة ومع الأصدقاء, وبذهاب الطفل إلى المدرسة تتاح له فرصة تحقيق المكانة الاجتماعية من خلال اللعب ، ويتّسم سلوكه الاجتماعي بالانطلاق والرغبة في لقاء مَن هم في سنّه , فهو لا يحب العزلة , ولكنه في الوقت نفسه لا يميل إلى الاختلاط بالجنس الآخر .
المصادر
صور من من المقالة
نبذة عن الكاتب
بكالوريوس علم النفس التربوي. كلية التربية جامعة الموصل عام 1990.
ماجستير علم نفس الخواص. الجامعة المستنصرية. 2007
دكتوراه في علم النفس التربوي. كلية التربية. جامعة بغداد 2014.
تدريسي مواد علم النفس المختلفة في معهد إعداد المعلمين / كربلاء لأكثر من 24 عاماً.
حالياً تدريسي مادة علم النفس التربوي في معهد الفنون الجميلة / كربلاء المقدسة.
الغرق في أنوار العلم أفضل بكثير من الوقوف على شطآن الجهل.

مجموعة العميد التعليمية

اغلاق