ظهرت الحاجةُ إلى التعلّم النشط نتيجة عوامل عديدة، لعلَّ أبرزها
حالة الحيرة والارباك التي يشكو منها المتعلّمون بعد كلِّ موقفٍ
تعليمي؛ نتيجة ضعف اندماج المعلومات الجديدة بصورةٍ حقيقية في
عقولهم بعد كلِّ نشاطٍ تعليمي تقليدي.
ولكي يكون التعلّم نشطاً ينبغي أن ينهمك المتعلّمون في قراءة أو
كتابة أو مناقشة أو حل مشكلة تتعلّق بما يتعلّمونه أو عمل تجريبي،
وبصورةٍ أعمق، فالتعلّم النشط هو الذي يتطلّب من المتعلّمين أن
يستخدموا عمليات تفكير عليا كالتحليل والتركيب والتقويم؛ فيما
يتعلّق بما يتعلّمونه ، فالمتعلّم في التعلّم النشط هو مشارك نشط في
العملية التعليمية ، إذ يقوم بأنشطةٍ تتصل بالمادة المتعلّمة ، مثل:
طرح الأسئلة ، وفرض الفروض ، والاشتراك في المناقشات ، والبحث
والقراءة ، والكتابة والتجريب .. ( باحث ومشارك )،
أمّا المعلّم في التعلّم النشط فيأخذ دور الموجّه والمرشد والمسهّل
للتعلّم ، فهو لا يسيطر على الموقف التعليمي ، ولكنه يديره إدارةً
ذكية بحيث يوجّه التلاميذ نحو الهدف منه. وهذا يتطلّب منه الإلمام
بمهارات مهمّة تتصل بطرح الأسئلة وإدارة المناقشات ، وتصميم المواقف
التعليمية المشوّقة والمثيرة وغيرها.
فالتعلّم النشط ،هو تعلّم قائم على الأنشطة المختلفة التي يمارسها
المتعلّم ، التي ينتج عنها سلوكيات تعتمد مشاركة المتعلّم الفعّالة
والإيجابية في الموقف التعليمي . كذلك هو فلسفة تربوية تعتمد
إيجابية المتعلّم في الموقف التعليمي، ويهدف إلى تفعيل دور المتعلّم
من حيث التعلّم، من خلال العمل بالبحث والتجريب واعتماد المتعلّم
على ذاته في الحصول على المعلومات، واكتساب المهارات وتكوين القيم
والاتجاهات، فهو لا يرتكز على الحفظ والتلقين ، وإنَّما على تنمية
التفكير والمقدرة على حل المشكلات، و العمل الجماعي والتعلم
التعاوني.
أمّا مبادئ التعلّم النشط ، فهي :
1- تشجيع التفاعل بين المعلّم والمتعلّم: إذ وجد أنَّ التفاعل بين
المعلّم والمتعلّمين، سواء داخل غرفة الصف أو خارجها، يُشكّل عاملاً
مهمّاً في اشراك المتعلّمين وتحفيزهم للتعلّم، بل يجعلهم يفكرون في
قيمهم وخططهم المستقبلية.
2- تشجيع التعاون بين المتعلّمين: إذ وجد أنَّ التعلّم يُتعَزَّز
بصورةٍ أكبر عندما يكون بشكلٍ جماعي، فالتدريس الجيد كالعمل الجيد
الذي يتطلّب التشارك والتعاون وليس التنافس و الانعزال.
3- تشجيع التعلّم النشط: فلقد وجد أنَّ المتعلّمين لا يتعلّمون فقط
من خلال الإنصات وكتابة المذكّرات، وإنَّما من خلال التحدّث
والكتابة عمّا يتعلّمونه، وربطها بخبراتهم السابقة، بل وتطبيقها في
حياتهم اليومية.
4- تقديم تغذية راجعة سريعة: إذ إنَّ دراية المتعلّمين بما يعرفونه
وما لا يعرفونه تساعدهم على فهم طبيعة معارفهم وتقييمها.
فالمتعلّمون بحاجةٍ إلى أن يتأملوا فيما تعلّموه (Meta –
Cognition)، وما يجب أن يتعلّموه من ثمّ تقييم ما تعلّموا.
5- توفير وقتا كافيا للتعلّم (زمن + طاقة = تعلّم): تبيّن أنَّ
التعلم بحاجةٍ إلى وقتٍ كافٍ، كما تبيّن أنّ المتعلّمين بحاجةٍ إلى
تعلّم مهارات إدارة الوقت، إذ إنَّ مهارة إدارة الوقت عامل مهم في
التعلّم.
استراتيجيات التعلّم النشط هي :
- الحوار والمناقشة . - التعلّم التعاوني . - لعب الأدوار . - العصف
الذهني . - الاكتشاف .
- حل المشكلات . - الخرائط المعرفية . - الأسئلة . - التعلّم الذاتي
. - تعلّم الأقران .
أسس التعليم النشط :
- اشتراك التلاميذ في اختيار نظام العمل وقواعده .
- اشتراك التلاميذ في تحديد الأهداف التعليمية .
- تنوّع مصادر التعلّم .
- استخدام استراتيجيات التدريس المتركّزة حول التلميذ .
- الاعتماد على تقويم انفسهم وزملائهم.
- اتاحة التواصل بين جميع الاتجاهات المتعلّم والمعلّم.
- السماح للتلاميذ بإدارة الذاتية .
- إشاعة جو من الطمأنينة والمرح والمتعة أثناء التعلّم .
- تعلّم كل تلميذ حسب سرعته الذاتية .
- مساعدة التلميذ على فهم ذاته واكتشاف نواحي القوة والضعف فيه
.
وختاماً نقول إنَّ التعلّم النشط مهم جدا للمتعلّمين؛ لأنَّهُ يجعل
التعلّم ذو متعة وبهجة، ويزيد من اندماج التلاميذ في العمل . كما
أنَّهُ ينمّي العلاقات الاجتماعية بين التلاميذ بعضهم مع بعض وبينهم
وبين المعلّم .وينمّي الثقة بالنفس ، والمقدرة على التعبير عن الرأي
و الرغبة في التعلّم لغرض الإتقان . فضلاً عن أنَّ التعلّم النشط
يعوّد التلاميذ على اتباع قواعد العمل ، وينمّي لديهم الاتجاهات
والقيم الإيجابية، و يساعد في إيجاد تفاعل إيجابي بين التلاميذ،
ويعزّز روح المسؤولية ، والمبادرة لدى التلاميذ .
مجموعة العميد التعليمية