تُعدُّ مرحلةُ الطفولة من المراحل الأساسية، التي يمّر بها الفرد أثناء نموّه , وفي أثناء هذا النمو ,لابدّ له من إشباع حاجاته حتّى يستمر ارتقاؤه بشكلٍ سليم , ومن أهمِّ هذه الحاجات :
1. حاجة الطفل للغذاء والشراب :
يمكننا القول إنَّ كلَّ طفلٍ يحتاج إلى عنايةٍ تامّةٍ دقيقةٍ في
إشباع دافع الجوع, والعطش من حيث كميته , ونوعه , وطريقة تقديمه ,
ومن المعلوم أنَّ الطفلَ في الشهور الأولى يعتمد لبن الأم ، أو
بديله , وتُشير الدراسات إلى أنَّ الرضاعةَ الطبيعية هي الأداة التي
توفّر للطفل أولى الحاجات النفسية, والشعور بالطمأنينة, والأمن,
وحرمانُ الطفلِ من ثدي أمّه لسببٍ أو لآخر يُعدُّ حرماناً له من
لذّةِ الحياة بمعناها الواسع , ففي الرضاعة الطبيعية تتاح للأم
فرصةٌ ممتازة للتغلب على احساس طفلها بفقدان السند، وزيادة شعوره
بالثقة , فإن شعور الوليد بالثقة يتطلّب شعوراً بالراحة الجسمية ,
ولذلك تُفضّل الرضاعة الطبيعية على الرضاعة الصناعية؛ لأنَّها
تُضاعفُ من جوانب المتعة في مواقفٍ أقرب ما يكون إليها , وبذلك
تمنحه الأمن النفسي من مشاعر اللذّة, والاسترخاء, والتنبيه اللمسي,
والراحة النفسية , وغيرها .
إنَّ هذه المشاعر قد تتحقق بوساطة الرضاعة الصناعية لو أنَّ الطفل
حملته أمّه واحتضنته ، وضمّته إلى صدرِها , ثمّ جعلت تتحدّث إليه ,
أو تلاعبه , ولكنها تنعدم إذا اقتصر الأمرُ على وضعِ الزجاجة في
فمّه , من دون أن يصاحب ذلك مشاعر أخرى , ومن ناحيةِ الانتظام في
إرضاع الطفل , فإنَّها من الأساسيات المهمّة في تغذية الطفل ,
فالأمُ التي تتبع نظاماً غذائياً منتظماً في إرضاع طفِلها , وفي
مُددٍ تتناسب مع مراحل تطوّر نموه , وأحواله الخاصّة , كطفلٍ له
فرديته , وصفاته الخاصة , فإنَّها تعمل بهذا على تكوين شخصية تحبُّ
النظام وتحترمه منذ الشهور الأولى في الحياة .
ومن الضروري فهم مفردة(الانتظام)، فهي لا تعني الالتزام بجدولٍ زمني
صارم لإرضاع الطفل ، بل أنَّ الانتظام معناه عدم الاضطراب في مواعيد
الرضاعة؛ لأنَّ له بالغ الأثر على الصحّة النفسية للطفل , فالتآخّر
عن موعد الرضاعة , يؤدّي إلى شعور الطفلُ بالجوع , والألم الناتج عن
عدم إشباع حاجةٍ أساسية , لا يستطيع الطفل تأجيلها , ولا يقوى على
تحمّل آلامها , وعند إشباع هذه الحاجة نراه يفيض شعوراً باللذّة
والارتياح , والرضا , والسعادة , والاستقرار النفسي .
2- فطام الطفل :
إنَّ من الأخطاء الشائعة لدى بعض الأسر استخدام الرضاعة الطبيعية
لمدّةٍ طويلةٍ , بحيث تتجاوز سن الثانية من عمر الطفل, لأنَّ ذلك
يؤدّي إلى اعتماد الطفل على أمّه, ويؤثّر في صحّته العامّة , وعليه
يجب أن يكون فطام الطفل موقوتاً (أي لا يتجاوز السنة الثانية من
العمر)ومتدرجاً ،إذ ينبغي تغذية الطفل في الشهر الثالث أو الرابع ,
بتقديم أنواع خاصّة من الأطعمة والسوائل, إلى جانب الرضاعة مثل:
الماء الممزوج بالفيتامينات, أو عصائر الفواكه, والشوربة,
والخضروات, والفواكه المطهوّة المهروسة, وغيرها, ويكون تقديمها
بشكلٍ تدريجي يوماً بعد يوم, بالزجاجةُ, ثمّ بالكوب, فالملعقة,
والتدرّج كذلك من الأطعمة السائلة إلى نصف السائلة , إلى الصلبة بعض
الشيء , كالبسكويت مثلاً .
والتدرّج في فطام الطفل أمرٌ غايةٌ في الأهمية , يجب أن تتبعه الأم
حتّى لا يتعرّض طفلها لهزّاتٍ إنفعالية , قد تترك أثاراً سيئة في
بناء شخصيته مستقبلاً كالاضطرابات النفسية , أو الشعور بالحرمان ,
أو القلق النفسي , أو فقدان الثقة بالنفس لإنفصاله المفاجئ عن الأم
, أو نشوء بعض العادات غير الصحية كقضم الأظافر , أو مص الأصابع ،
وغيرها .
مجموعة العميد التعليمية