المقالات
علاج الأطفال باللّعب
1970/01/01 574

يتبوّأ اللعبُ مكانةً مهمّة في حياة الطفل, إذ يعيش الطفل , ولا يُميّز بين نشاطاته من حيث هو عمل أو لعب (لاسيما اللعب الحر)، الذي لا يتدخّل فيه الكبار بمعاييرهم ضوابطهم, التي تحدّ من تلقائية الطفل في لعبه, واللعبُ الحر يُعطي الطفل حرية الإبتكار, وينمّي عنده الخيال متمثلا باللعب الإيهامي. ويُعدّ اللعب أحد الأساليب الهامة في تعلّم الأطفال, وتشخيص مشكلاتهم وعلاجها, ويستخدم كطريقة علاجية في حدّ ذاته, وكذلك يستخدم ضمن طرائق علاجية أخرى.
والعلاجُ باللعبِ طريقة مهمّة في علاج الأطفال المضطربين سلوكياً, وانفعالياً, إذ يستثمر اللعب للتنفيس عن الطاقة الزائدة, والتعبير عن الصراعات, وتعلّم السلوك المرغوب. ويستند العلاج باللعب على الأهمية النفسية للّعب, وأدواته, وذلك على النحو الآتي:

- يفيد اللعب في النمو النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للطفل, فيقوّي عضلاته, ويطلق الطاقات الكامنة فيه, ويتعلّم الطفلُ من خلاله المعايير الاجتماعية, وضبط الانفعالات والنظام والتعاون والقيادة.
- يشبع حاجات الطفل مثل: حب التملّك, وذلك حينما يمتلك الطفل بعض أدوات اللعب, ويسيطر عليها في حرية من دون رقيبٍ أو منافس, وفي تفكيرٍ مستقل, منفّساً عن ميوله ومشاعره.
- يُكمّل اللعب بعض أوجه النشاط الضرورية في حياة الطفل اليومية.
- يفيد اللعب في دراسة سلوك الطفل من خلال لعبه من طريق الملاحظة غير المباشرة, وهو وسيلة مهمّة في تشخيص مشكلات الأطفال وعلاجها.
- يُعدّ اللعب "مهنة الطفل", وسيلةً يشعر من خلالها بالمتعة, ويعيش طفولته, ويتعلّم ويستكشف ويبتكر.
- يعبّر لعب الأطفال تعبيراً حقيقياً عن سلوكهم السوّي أو المضطرب, فالطفلُ أثناء لعبه يعبّر عن مشكلاته وصراعاته التي يعاني منها, ويُسقط ما في نفسه من انفعالات، تجاه الكبار (التي لا يستطيع إظهارها خوفاً من العقاب).

ويمكن للمعالج ملاحظة سلوك الأطفال المشكلين أثناء لعبهم, وملاحظة التفاعل الاجتماعي بينهم, وكيفية معاملة أدوات اللّعب, وملاحظة الأحاديث والانفعالات التي تصاحب اللعب, وملاحظة أسلوب تعبير الطفل عن رغباته وحاجاته, ومخاوفه, ومشكلاته, ولاسيما في حالة التكرار الزائد, وملاحظة أنماط السوك المنحرف كالسرقة, والعدوان, والعنف, واضطرابات الكلام ...الخ, وحين يتوحّد الطفل أثناء اللعب مع أحد أفراد الأسرة, فإنَّ المعالج يستطيع تصّور المناخ الانفعالي للأسرة, والاتجاهات العائلية, وأساليب المعاملة الوالدية.

وللتعبير الرمزي للّعب أهميةٌ كبيرة في العلاج باللعب, إذ يوجّه الاهتمام إلى التعبير الرمزي من طريق القصص التي يقصّها الطفل, وعادة ما تعبّر عن موقفه مع والديه وإخوته ورفاقه, وعن مدى تعلّقه العاطفي بهم.
ويستفيد المعالج من عملية التشخيص باللعب في معرفة التعبير بالرسم والألوان, الحوار القائم بين الطفل ولعبته, القيادة والتبعية في اللعب, العدوان وعدم الاستمتاع باللعب, وتستخدم اختبارات اللعب الاسقاطية كوسيلة مهمّة في عملية التشخيص؛ إذ يستخدم لعب ودمى مقننة ومواقف محددة, وتوجد نماذج متنوّعة لمثل هذه الاختبارات الاسقاطية, مثل اختبار المنظر (الذي يتخيله الطفل وينفذه باللعب).
ويُعدّ اللعب أسلوباً علاجياً مهمّاً للأطفال المشكلين أو المضطربين انفعالياً وسلوكياً, وذلك بإتاحة الفرصة للمعالج من طريق الملاحظة أثناء اللعب وتيسير ضبطه وتوجيه سلوك الطفل. وأثناء جلسة العلاج باللعب, يُعطى الطفل أدوات اللّعب, ويُترك له اختيار ما يريد اللعب به. ويمنح العلاج باللعب الفرصة لنمو الطفل في مناخٍ يساعد على التعبير و الانطلاق بحريّةٍ, وإتاحة فرصة السلوك من دون لومٍ أو سيطرة أو تدخّلٍ أو عقاب, ويتّخذ المعالج باللعب كموقف تعليمي إذا تطلّب الموقف ذلك, وقد يكون اللعب حرّاً, إذ يُترك الطفل يلعب بما يشاء من اللعب التي يريدها, وهنا يكتفي المعالج بتهيئة المناخ للّعب من دون إشراكه فيه.
ويلاحظ أنَّ اللعب وأدواته تُثير الطفل, فتجعله يتكلّم أو يمثل خبراته, وصراعاته بطريقةٍ درامية, ممّا يُتيح فرصة التعبير والتنفيس الانفعالي عن التوترات التي تنشأ عن الصراعات والاحباط والحرمان والتنفيس عن الطاقة الزائدة عند الطفل, ويساعد على التدريب والإعداد للمهارات والحياة المستقبلية.

المصادر
صور من من المقالة
نبذة عن الكاتب
بكالوريوس علم النفس التربوي. كلية التربية جامعة الموصل عام 1990.
ماجستير علم نفس الخواص. الجامعة المستنصرية. 2007
دكتوراه في علم النفس التربوي. كلية التربية. جامعة بغداد 2014.
تدريسي مواد علم النفس المختلفة في معهد إعداد المعلمين / كربلاء لأكثر من 24 عاماً.
حالياً تدريسي مادة علم النفس التربوي في معهد الفنون الجميلة / كربلاء المقدسة.
الغرق في أنوار العلم أفضل بكثير من الوقوف على شطآن الجهل.

مجموعة العميد التعليمية

اغلاق