العناد عند الأطفال
ولدي لا ينصاع لأوامري !! ويصر على تنفيذ ما يراه مناسباً من دون
اعتبار لموافقتي على هذا الأمر أم لا ؟؟ يكسر أغراض البيت ويمزق
ملابسه إذا ردعته عن فعل أمر ما !! مثل هذه التساؤلات وغيرها المعبّرة
عن حالة العناد الموجودة لدى أبنائهم تراود الكثير من الآباء والأمهات
، وتزعجهم مثل هكذا سلوكيات ، وهنا لابدّ من الإشارة إلى أنّ أغلب
علماء النفس قد اتفقوا على إن العناد ظاهرة سلوكية تبدأ في مرحلة
مبكرة من العمر, فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشرات العناد في
سلوكه؛ لأنّه يعتمد اعتماداً كلياً على الأم أو غيرها في تلبية حاجاته
ومتطلباته ؛ فيكون سلوكه متّسماً بالاتكالية والانصياع للوالدين ،
إلاّ أنّ ظاهرة العناد لدى الطفل تبدأ حينما يتمكن من المشي والكلام
بعد السنتين الأولتين من العمر؛ وذلك نتيجة لشعوره بالاستقلالية ،
فيرتبط العناد بما يجول في رأسه من خيالٍ ورغبات. ومن مظاهر العناد
عند الطفل التزمّت في الرأي، وعدم الانصياع للأوامر ، ممّا يثير
دهشتنا ويصيبنا بالضيق والحرج ، فالطفل مثلا لا يريد أن يستمع
لتوجيهات الكبار، ولا يحب أن يفعل إلاّ ما يريده هو، حتّى لو كان ذلك
الفعل غير سليم، أو لا يتماشى مع المنطق والعقل، مثل رفض الطفل أموراً
مهمّة مثل النظافة، وغسل الوجه، والاستحمام، وتناول كوب الحليب،
والنوم في الموعد المحدد، فيبدو مقاوماً متشبثاً برأيه رافضاً توجيهات
الكبار، ويرتبط العناد عادةً بالقسوة والعدوانية، فنلاحظ أنّ بعض
الأطفال الذين يتّصفون بالعناد تبدو عليهم ميول عدوانية وكذلك بعض
القسوة، ويتجلى ذلك من خلال بعض تصرفاتهم، فنراهم يمزّقون الملابس،
ويحطّمون التحف الغالية، أو يعتدون على الحيوانات، أو يستخدمون
الأقلام استخداماً سيئاً، فيشوهون بها الجدران في المنزل أو المدرسة،
وهذه التصرفات الغريبة قد تجعل الطفل يشعر بالقوّة ويفخر بنفسه .
والأهم هنا هو معرفة الأسباب التي تدفع الطفل للعناد وهي : تقليده
للكبار ، والعلاقات الأسرية المتوترة، والمعاملة القاسية من قبل
الوالدين ، ممّا يزيد من محاولات التعويض عند الطفل والانتقام فيقابل
ذلك بالمثل. بالإضافة إلى أنّ كثيراً ما يكون الآباء والأمهات هم
السبب في تأصيل العناد لدى الأطفال؛ فالطفل يولد وهولا يعرف شيئاً عن
العناد، فالأم تعامل أطفالها بحب وتتصور أن من التربية عدم تحقيق كل
طلبات الطفل، على حين أنّ الطفل يصرّ عليها، وهي أيضاً تصرّ على العكس
فيتربى الطفل على العناد .
علاج العناد
- إنّ العناد يولّد عناد؛ لذلك ينبغي ألا نقابل مقاومة الطفل بمقاومة
مضادة، لكن علينا أن نتفاهم معه ونحرص على إقناعه بصورةٍ سليمةٍ
ومنطقية.
- الابتعاد عن أساليب المعاملة الوالدية غير السليمة كـ ( الحماية
الزائدة والتدليل المفرط) ، فهذه الأساليب تعوّد الطفل على أسلوب
المخالفة والعناد .
- عدم إجبار الطفل على القيام بسلوكياتٍ معينة قد لا يرغب بممارستها ،
كإرغامه على ارتداء بعض الألبسة أو تناول بعض الأطعمة ، أو مراعاة
أصول الذوق واللياقة (الإتيكيت)، فهذا الخضوع المتكلّف قد يدفع الطفل
للخروج عليه ويقوده للتمرد والعناد .
- عدم تفضيل الأم أو الأب لأحد الأبناء أو البنات، فإن ذلك التفضيل
يكون في أغلب الأحيان سبباً في عناد الطفل ، أو مقارنته بأطفال آخرين
بقولنا: (إنهم ليسوا عنيدين مثلك).
- تنمية تبادل الآراء بين الأطفال حتّى يشعر الطفل بالقيادة حينا
والتبعية حينا آخر .
ـ استخدام مبدأ التحويل ، أي صرف اهتمام الطفل بشيء آخر والتمويه عليه
.
ـ استخدام مبدأ العقاب وبالأخص عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة
نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات؛ لأنّ نوع العقاب يختلف في
تأثيره من طفلٍ إلى آخر, فالعقاب بالحرمان أو عدم الخروج أو عدم
ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثماراً عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر.
ـ عدم استخدام العقاب البدني كأسلوب الضرب والشتائم؛ فإنّها لن تجدي،
كما أنّها قد تشعره بالمهانة والانكسار ، وقد يُسهم هذا في حدوث
اضطرابات نفسية مستقبلية للطفل.
• اكملت الدراسة الابتدائية والثانوية في المدارس التابعة لمديرية تربية ديالى.
• حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم التربوية والنفسية من جامعة كربلاء عام 2011.
• اكملت دراسة الماجستير في نفس الجامعة في تخصص علم النفس التربوي عام 2013ومن ثم الدكتوراه في نفس التخصص من جامعة بابل عام 2021.
• السيرة المهنية: تشرفت بالعمل في قسم التربية والتعليم العالي التابع للعتبة العباسية المقدسة منذ عام 2014 بصفة مشرف تربوي على الملاكات التعليمية العاملة في مجموعة العميد التعليمية.
• شاركت في تنفيذ العشرات من الورش التدريبية والمحاضرات التطويرية للعديد من الملاكات التربوية (معلمين، مدرسين، مرشدين تربويين، اساتذة جامعات، ...الخ).
• مصمم ومعد للعديد من البرامج التربوية وبعدة مجالات (دينية، إرشادية، سلوكية، قيمية).
• المساهمة في تأليف كتاب (دليل المرشد لرعاية السلوك، سلسلة النفس تربوية).