المقالات
العنف الأسري ضد الأطفال (الجزء الأوّل)
2019/02/13 637

ينتمي كل طفلٍ بعد ولادته إلى أسرةٍ ذات كيان خاص , تسبق كل مؤسسات المجتمع للاعتناء به , وتكون رعايتها له في سنوات عمره الأولى ضرورية، ولا غنى عنها لاستمرار بقائه , وهذه الرعاية تشمل الغذاء , والصحة الجسمية اللازمة لاستمرار نموه، فضلاً عن الرعاية العاطفية والنفسية والانفعالية ...الخ ,. وتؤدّي الأسرةُ دوراً لا يستهان به في اكساب الطفل ثقافة مجتمعه من اعرافٍ وعاداتٍ وتقاليد، ومعايير أخلاقية وميول واتجاهات , فنمط التنشئة الذي تتّبعه الأسرة في تربية الطفل سيكون له دور في تكوين خصائصه الشخصية المستقبلية . 

ومن أجل تحقيق تصوّرٍ واضح لا بدّ من توضيح بعض المفاهيم التي ترتبط بـ "الطفل" ، ويُطلق هذا المصطلح(الطفل) على الإنسان منذ ولادته وحتّى ما قبل مرحلة المراهقة ؛ إذ حدّدت الأمم المتحدة (الطفولة) بالمرحلة العمرية التي لم يصل فيها الانسان الثامنة عشر سنة, أي المرحلة التي يصبح بعدها الإنسان بالغاً ناضجاً في الأسرة .

ويُعبّر عن "الأسرة" بالمؤسسة الاجتماعية التي تنشأ من اقتران رجل وامرأة بعقدٍ يرمي إلى إنشاء اللبنة التي تسهم في بناء المجتمع؛ وأهم أركانها , الزوج والزوجة والأولاد، أو هي الوعاء الثقافي الذي يشكّل حياة الفرد أو يحدد شخصيته , وسلوكه, من خلال عملية التنشئة الاجتماعية وأساليب المعاملة الوالدية ومنها أسلوب العنف .

ويُشير مفهوم "العنف" إلى كلِّ فعلٍ مباشر أو غير مباشر, موجّه للتضييق , أو للإهانة , أو لإبادة الأشخاص والممتلكات، أو هو استعمال نفوذ أو قوة فيزيقية , أو سيكولوجية , أو أخلاقية أو اجتماعية سراً أو علانية , تلقائية أو مقصودة , من طرف فردٍ أو جماعة , من أجل تحقيق أهدافٍ معينة .

أمّا "العنف الأسري" فيعني كل سلوكيات العنف التي تحدث في إطار العائلة؛ من قبل أحد أفرادها(أو بعضهم اتجاه البعض الآخر)، بما له من سلطةٍ أو علاقة بأفراد أسرته، وبالتالي فالعنف الأسري يتضمّن الإساءة في المعاملة داخل نطاق الأسرة بين مجموع الأطراف المكوّنة لها , إذ يمكننا أن نجد العنف الأسري في صورة العنف بين الزوجين , والآباء اتجاه الأبناء , والأبناء اتجاه الآباء وحتّى الأجداد ... الخ .
ويُعرَّف "العنف الأسري ضد الأطفال" بأنَّهُ إلحاق الأذى والضرر الجسمي أو النفسي أو الانفعالي أو الاجتماعي بالطفل من قبل والديه , أو من يقوم برعايته، وذلك من خلال الضرب المبرح، أو هو مجمل السلوكيات المهدّدة للتوازن الجسمي والنفسي والاجتماعي للطفل , إذ تتمثّل في سلوكيات الأذى النفسي واللفظي والبدني الصادرة عن أحد الوالدين، أو من يكون له سلطة عليه في الاسرة .
أمّا أشكاله فهي :
1- العنف الجسدي : هو أي نوعٍ من أنواع السلوك المتعمّد , الذي ينتج عنه إحداث الضرر والأذى في جسم الطفل , والمُمارس من قبل أحد الوالدين أو كليهما أو الآخرين المحيطين بالطفل . وينتشر العنف البدني ضد الأطفال في حياتنا الاجتماعية بكثرةٍ ؛ لأنَّ البعض يعدّهُ أداةً تربوية على وفق اعتقادات تقليدية خاطئة, فالضرب باستعمال أدواتٍ معينة قد يؤدّي إلى التسبّب في عاهاتٍ مستديمة لدى الأطفال أو مفارقتهم للحياة ، أو ربما يجعل الطفل غير متوازن نفسياً فاقداً للثقة بنفسه، ومعتمداً على العنف في تصرّفاته اتجاه أفراد عائلته وجميع المحيطين به .

2- العنف النفسي : هو كل تصرّفٍ أو فعلٍ مؤذ نفسياً , يمس مشاعر الطفل , كالسخرية والتوبيخ والشتم , واللوم والترويع , والاحتقار والوصف بألفاظٍ بذيئة , وحتّى الطرد من المنزل والحبس المنزلي . إنَّ تعرّض الطفل للعنف اللفظي والإهانة لأبسط خطأ يقوم به , قد يجعله متردداً مشكّكاً في قدراته وإمكاناته , ويفقد ثقته بنفسه وبوالديه , الأمر الذي يعيق تعلّمه ونموه بشكلٍ سليم .


نتمنى أن نكون قد وفّقنا في حديثنا هذا، وسنبيّن عزيزي القارئ في الجزء الثاني أسباب العنف الأسري ضد الأطفال وآليات معالجته، التي يمكن أن تحد من هذه الظاهرة التي لها بالغ الأثر على حفظ كيان الأسرة ومؤسسات المجتمع ككل .

المصادر
صور من من المقالة
نبذة عن الكاتب
- بكالوريوس من جامعة كربلاء/ كلية التربية للعلوم الإنسانية/ قسم الجغرافية في عام ٢٠١٠.
- ماجستير من جامعة القادسية/ كلية الآداب/ قسم الجغرافية في عام ٣٠١٣.
- محاضر في جامعة كربلاء للمدة ٢٠١٣-٢٠١٥.
- محاضر في الكلية التربوية المفتوحة/ مركز كربلاء للمدة ٢٠١٤-٢٠١٥.
- عدد البحوث المنشورة: ٤
- أحد الكتاب المشاركين في تأليف موسوعة كربلاء الحضارية/ المحور الجغرافي.
- المؤتمرات الدولية: ١
- المؤتمرات المحلية: ١
- الدورات التدريبية المعتمدة: ٧
- كتب الشكر: ١٠
- محاضر في عشرات الورش والدورات التدريبية.
العلم يبني بيوتاً لا عماد لها.. والجهل يهدم بيت العز والكرم.

مجموعة العميد التعليمية

اغلاق