حينما تريد أن تأمر ابنك بعمل أو فعل شيء ما , أو أنك تريد أن تنهيه
عن جملة الأفعال التي لا تحبّذها فيه , أو أي أمرٍ آخر تريد أن يكون
ابنك على غير خلاف معك , وعلى رأيٍ واحد متّفق مع تفكيرك ونهجك ،
فما هو السبيل إلى ذلك ؟
وبسؤال كيف تقوم بقيادة ابنك ؟
قبل الإجابة على هذا التساؤل ندع القارئ المحترم يتساءل في نفسه .
تُرى كيف يستطيع الإنسان قيادة شخص آخر ؟ بأي طريقة و أي اسلوب
؟
تماماً هكذا تستطيع أن تقوم بقيادة أبنائك أو أي إنسانٍ آخر . ولعلّ
الكثيرين يصلون إلى هذه النتيجة وهذا القول الذي نؤكده نحن بأن ليس
إلاّ ثمة طريقة واحدة تحمل بها ابنك على أن يُقبِل على عمل ما؛ تلك
هي : أن تحبب العمل الذي تقترحه عليه .
نعم، إنّ في وسعك أن تدفع طفلك إلى تنفيذ إرادتك إذا لوّحت له
بالسوط أو العصا ! وباستطاعتك أن تجعل موظفاً لديك يعمل ما تأمره به
, إلى أن تدير له ظهرك غير أن هذه طرائق ليست من الحكمة في شيء.
فالطريقة المُهدية الوحيدة التي تجعل أبناءك يُقبِلون على العمل –
أي عملٍ – هي أن تجعل ذلك العمل محبباً إليهم .
فالطفل أو بالأحرى الانسان لا يمكنه أن يقوم بأداء عمل ما باندفاع
ذاتي وبفاعلية من دون الإيمان بذلك العمل ، إذ قال أحد علماء
التربية " حينما تحبب الشيء الذي تريده من ابنك عندئذ لا بأس عليك
من إصدار أوامرك"
ومن هنا فإذا أردت – مثلاً- أن تجعل من ابنك يلتزم الهدوء فإنّ خير وسيلة لذلك أن تُعيّنه في البيت مسؤولاً عن المحافظة على الهدوء . بعد أن تكون قد بيّنت له فوائد الصمت ومضار الفوضى والثرثرة . وأفضل من كل ذلك هو أن تخلق الرغبة في ابنك لكي يَقدم على العمل بما تأمره بكل اندفاع وفاعلية . يقول أب لتسعة أبناء " لم أكن أشكو أي عناء في قيادة أبنائي , لقد كانوا يمتثلون أوامري بمجرد أن تطرف عيني أو تظهر إشارتي , ولكنني كنت أشكو عصيانهم في غيابي على الدوام . وفكرت – ذات يوم - تغيير الطريقة في التعامل , وأصبحت فيما بعد التزم الأسلوب الأفضل , ذلك هو : إنني بدأت أطالع الأحاديث الشريفة , واستطعت أن احصل على مجموعة من الأحاديث التي تبيّن حقوق الآباء , وثواب خدمتهم , وجزاء طاعتهم , مثل الحديث الذي يقول " وأمّا حق أبيك فتعلم أنه أحبك , وأنه لولاه لم تكن . فمهما رأيته في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ".ثم بعد ذلك قمت بقراءتها على أبنائي بصورةٍ مفصلّة , مع التأكيد على دور الأب ,والقيمة الكبرى للتعاون معه وإطاعته من أجل الحياة العائلية الأفضل .بعد هذه العملية – التي استمرت اسابيع عديدة – كنت قد وضعت حلاً لمشكلتي السالفة الذكر , ولا أنسى أنني – في طريقتي الجديدة هذه – كنت كلما أردت أن أصدر أمراً لأحد أبنائي , بيّنت له فوائد ذلك العمل , وألقيت في نفسه محبة نحوه .
مجموعة العميد التعليمية